فلاش انفو24: محمد العبر
لعل أبرز المشاكل التي يعاني منها حي أبواب مراكش(الضحى) لكل من حط الرحال به، هي كثرة الباعة المتجولين المعروفين اختصارا ب”الفراشة”، حيث تغزوا هذه الظاهرة شوارعه، وحولته إلى سوق كبير بكل أصناف البضائع والسلع المهربة والملابس والأحذية القديمة والجديدة، وعربات الخضر بكل أشكالها…
عبارات سمعناها أكثر من مرة خلال تجولنا بالحي مواطنون من مختلف الأعمار، انضاف إليهم الأفارقة جنوب الصحراء همهم الوحيد كما صرحوا ضمان قوت يومهم، حتى ولو كان على حساب أصحاب وأرباب المحلات التجارية دافعي الضرائب…
هذه الظاهرة التي عجزت السلطات المعنية عن إيجاد حل مناسب للحد منها صارت تمتد وتتسع لتشوه المنظر العام للحي، وتضيق الخناق على الراجلين الذين تزدحم بهم الممرات العمومية في أوقات الذروة حيث ترتفع الحركة وتبلغ أوجها، بدءا من المدارة الطرقية المتواجدة أمام المسجد الكبير، مرورا بباقي الأزقة والشارع الرئيسي الرابط بين حيي المسيرة و الآفاق وإنتهاءا بالقرب من إحدى المؤسسسات التعليمة وغيرها من المناطق التي صارت قبلة لأنواع مختلفة من السلع والبضائع يعرضها شباب نساء وحتى أطفال صغار، بدون أي سند قانوني، أمام صمت رهيب للسطات بل بتواطئ مكشوف معهم، حيث أن أعوان السلطة بالحي هم حلقة وصل بين الفراشة والقائد والباشا الكل يستفيد من الكعكة…
إن ارتباط عيش فئة اجتماعية عريضة بظاهرة البيع بالتجول يعني في جوهره حاجة هذه الفئة إلى العمل وكسب القوت اليومي، إلا أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب الملك العمومي وعلى حساب راحة سكان.
فهذه الظاهرة التي تجد مبررها في الفقر وبطالة الشباب، لا يعبأ أصحابها بما تلحقه من إساءة وتشويه برونق وجمالية الحي، ولا حتى سكانه وزواره، الذين يضطرون للسير جنبا إلى جنب مع وسائل النقل من سيارات وحافلات…
وقد عبر العديد من الساكنة وأرباب المحلات التجارية عن استياءهم العميق من تنامي هذه الظاهرة والتي تصاحبها ظواهر أخرى أخطر، تتمثل في وجود لصوص محترفين يتربصون بالمواطنين الذين يقفون عند هؤلاء الباعة، واصطياد الفرص لبيع منتجات مزورة ومهربة بأثمنة مهمة عبر النصب والاحتيال، إضافة إلى التحرش بالنساء اللواتي يستعملن الشارع الرئيسي المذكور بشكل يومي.
كل هذا يقع في ظل تقاعس السلطات المحلية وتقصير الشرطة الإدارية التابعة لمقاطعة المنارة رغم التدخلات المحدودة التي يقوم بها عناصرها من أجل تحرير الملك العمومي، تبقى بدون جدوى، لذا فهي مطالبة اليوم ببذل مجهود أكثر من أي وقت مضى للقضاء على هذه الظاهرة التي تعد دخيلة على المجتمع المراكشي، حيث صرح أحد “الفراشة”، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن معظم هؤلاء “الفراشة” يتوفرون على محالات تجارية وفضلوا اكترائها واستغلال الملك العام لممارسة تجارتهم دون حسيب ولا رقيب، وأردف قائلا إلى متى ستبقى هذا الحي المغلوب على أمره قبلة للحماق والمتسكعين وجعل مهنة الفراشة مهنة لمن لا مهنة له؟
ولم تنجوا من هذه الظاهرة حتى الحديقة المخصصة لعموم المواطنين المتواجدة بجانب العمارات السكنية من استغلالها من طرف أرباب المقاهي المجاورة لها بوضع الكراسي فيها لزبنائها، أما أبواب المساجد فتلك قصة أخرى…
أمام هذا الوضع المزري الذي وصلت إليه أهم الأحياء بالمدينة الحمراء على غرار الأحياء الأخرى، وفي انتظار إيجاد حل عملي وعاجل من طرف القائمين على شأن المدينة، ما علينا إلا أن ننتظر الذي يأتي ولا يأتي قصد رد الاعتبار لجمالية الحي .
في حين نتسائل عن أسباب تغاضي السلطات المعنية عن التدخل لمحاربة الظاهرة والتي تطرح أكثر من علامة استفهام، لتبقى مدينة مراكش غارقة في الفوضى والعشوائية والتشويه الممنهج لرونقها وجمالها وجمال أحيائها الذي كان يشهد به كل الزوار .